الإنتشار بعد الإحتواء... "كورونا" يُرعب الجميع!
لم يسبق لمرض في عالمنا المعاصر أن أحدث حالة رعب كحالة إنتشار فايروس "كرونا"، الذي لم يسلم منه بلد في العالم، ولبنان يدخل من باب هذا الفايروس في شكل هستيري، بعد كثرة الشائعات في ضوء المعلومات المتناقلة عبر وسائط التواصل الإجتماعي، والتي تؤكد أنه إنتقل من مرحلة الإحتواء إلى مرحلة الإنتشار، مع تزايد القلق في حال توسّع هذا الإنتشار، وبعدما كشف مستشفى رفيق الحريري الحكومي أن قدرته الإستيعابية محدودة، الأمر الذي يدفع المسؤولين، وبالأخص في وزارة الصحة إلى التفتيش عن بدائل ممكنة قبل فوات الآوان، وقبل وقوع الكارثة، وقبل ساعة الندم.
لا حديث اليوم، في لبنان وفي العالم بأسره، سوى الحديث عن كيفية التعامل مع هذا الفايروس، الذي لم يبلغ حتى الساعة مستوى الوباء، وعمّا يجب إتخاذه من إجراءات وقائية لتلافي الوقوع فريسة هذا الفايروس، مع تزايد التحليلات المتناقضة، حتى بين المختصّين أنفسهم، مع ما تفرضه أصول الوقاية من خطوات تبدأ بغسل اليدين جيدًا وتعقيم الأمكنة المحصورة وعدم إرتياد الأماكن المكتظة، بالتوازي مع التدابير الإحترازية التي إتخذها وزير التربية بتعليق الدروس ريثما تنجلي الصورة، وتزايد حملات التوعية، التي لا تخلو أحيانًا من المبالغة المفرطة، وصولًا إلى التدابير المتخذة من قبل السلطات الدينية، سواء في الكنائس والمساجد والحسينيات، وذلك إتقاءً من مضاعفات كان من الممكن تحاشيها منذ البداية لو تمّ التعامل مع ركاب الطائرة، التي أقلّت عددًا من اللبنانيين الآتين من مدينة قم الإيرانية في شكل علمي وبعيدًا عن التسييس.
ولا يخفى على أحد تأثيرات هذا الفايروس العابر للقارات على الإقتصاد العالمي ومدى أضراره على مستوى التبادل التجاري بين الدول وعلى مستوى أسعار النفط، التي سجلت أدنى إنخفاض لها، مع إنعكاسات كل ذلك على السياحة وحركة الطيران، فضلًا عمّا تركته من أثار سلبية على الدول المتعثرة ماليًا وإقتصاديًا، وقد يكون لبنان في طليعة هذه الدول المتأثرة سلبًا، مع ما يرافق كل ذلك من نقص في المواد الطبية الضرورية، ولعل المساعدة الفرنسية قد تكون حافزًا لدول أخرى لتقديم المساعدات الطبية الضرورية لإعانة لبنان في تصدّيه لهذا الفايروس.
قد يكون من المفيد جدًّا التذكير بأهمية وعي خطورة هذا المرض المعدي، والعمل الجدّي على المستوى الوطني للحؤول دون تمدّده وسعة إنتشاره، خصوصًا لجهة التخلي عن بعض العادات الإجتماعية كالسلام باليد والتقبيل، وهي ظاهرة شرقية ولبنانية من الصعب التخلي عنها بسهولة، وإلتزام المنازل وعدم قصد الأماكن الشعبية ذات الإكتظاظ السكاني وعدم الإحتكاك بالذين كانوا في الخارج، ولاسيما أولئك الآتين من الدول الموبوءة، كالصين وإيران وإيطاليا، على أن تبقى الحكمة بالتعاطي مع التعليمات الرسمية وغير الرسمية مطلوبة أكثر من أي وقت.
وعلى رغم ضرورة إتخاذ أقصى درجات الوقاية المطلوبة فإن الهلع المفرط والمبالغ فيه قد يدفع الناس إلى حالة هستيرية غير مبررة، مع تكاثر الشائعات عبر وسائط التواصل الإجتماعي، التي لا تستند إلى معطيات علمية وطبية يمكن الركون إليها. فالوقاية مطلوبة ولكن الهلع المبالغ به قد يؤدي إلى نتائج عكسية لا تُحمد عقباها.
التعليقات على الموضوع