مشاريع الرحاب السكنية

ماذا يعني تعميم مصرف لبنان؟



ما جرى في الأيام الأخيرة، على ساحة التعيينات المالية، وقبلها التشكيلات القضائية، ومحاولة تشريع «الكابيتال كونترول»، وإغماض العين على الجريمة المتمادية التي ترتكبها المصارف بحق المودعين، أسقط آخر ورقة توت عن عورة السلطة الحاكمة، وثبت انّ المواطن اللبناني يتيم السلطة، التي يُفترض انّها راعية له وساهرة على شؤونه وشجونه، ومتروك لمصيره، يطوّقه وباء «كورونا» الخبيث، وتحرمه الأعباء الاقتصادية والمالية، والمصارف والصرّافون، من لقمة عيش ابنائه، ولا من يراقب او يحاسب.
في غياب أي خطة حكومية اقتصادية أو انقاذية شاملة، يستمر تخبط البنك المركزي بالتواطؤ مع المصارف في ابتداع اجراءات تحايلية على ودائع اللبنانيين ومحاصرتهم أكثر فأكثر، وكأنهم اعداء. والجديد أمس صدور تعميمين عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يتعلّق الاول بالسحوبات النقدية من الحسابات الصغيرة، والثاني بإنشاء وحدة جديدة تتولّى التداول بالعملات الاجنبية النقدية، ولا سيما بالدولار الاميركي «وفقاً لسعر السوق».
وقد طرح التعميمان علامات استفهام كثيرة حيث اعتبر الخبير الاقتصادي باتريك مارديني ان «التعميم يعني إقرار نوع من «الكابيتال كونترول» الذي كان يتهرب مجلس النواب من إقراره، فأقره البنك المركزي.
وقال لـ«الجمهورية»: «التعميم يعني أيضاً أن كل وديعة في المصرف تتخطى الـ3 آلاف دولار لا يستطيع صاحبها سحبها بالدولار بعد الان ، بل بات مجبراً على سحبها بالعملة الوطنية بحسب سعر الصرف الرسمي أي 1500»، وهذا «هيركات» مقنع على السحوبات التي تتخطى الـ3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة. صغائر المودعين الذين يملكون حسابات تحت الـ3 آلاف دولار لا يستطيعون سحبها بالدولار إنما بالليرة اللبنانية ولكن بحسب سعر السوق، وبالتالي من الآن وصاعداً كل السحوبات باتت بالليرة اللبنانية. ويعني أيضاً أن من يملك حسابات فوق الـ3 آف دولار يستطيع ان يسحب بسعر الصرف الرسمي اي 1500 ليرة.
أضاف مارديني: «السؤال الأهم، وفق اي سعر سوق سيعطي المصرف المودعين حساباتهم خصوصاً ان مصرف لبنان حدّد سعر السوق لدى الصيارفة بـ2000 ليرة فيما سعر السوق الحقيقي اليوم يصل الى 3000 ليرة، وهذا هو السؤال الأساسي».
وأوضح رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ«الجمهورية»، انّ هذا التعميم تسبّبت به الظروف الاستثنائية التي نمرّ بها، إضافة الى تعرّض حاكم مصرف لبنان الى ضغوط شعبوية، بعدما اصبح الكل يريد ان يحلّ القضايا النقدية والمصرفية بأسلوب يشبه الحلول السياسية في البلد.
وأكّد، «انّ سلامة درس هذه الخطوة جيداً وحجمها وتكاليفها وقيمة الخسارة جرائها وحجم الكتلة النقدية المطلوبة، ورأى انّه بهذه الخطوة تتخلّص المصارف من بعض الحسابات بالدولار من خلال دفعها بالليرة اللبنانية، وفق سعر الدولار في السوق الموازي. لكن في المقابل، انّ هذه الخطوة ستزيد من كمية الاموال المخزّنة في المنازل، قد تُخزن بالليرة اللبنانية او حتى يمكن استبدالها بالدولار عند الصرّافين، انما في جميع الاحوال ستكون مخزنة اي مجمّدة».
وعن المغزى من هذا التعميم، قال حمود: «من شأن هذا التعميم ان يخفّف الضغط السياسي على الموضوع النقدي، ويقسّم الخسارة بينه وبين المصارف، التي تتخلّص من خلال هذه الخطوة من كمّ كبير من الحسابات المصرفية التي تحوي مبالغ صغيرة».
أما بالنسبة الى التعميم المتعلّق بسوق الصيرفة، فأوضح سلامة لوكالة «رويترز»، انّ «وحدة التداول بالعملات النقدية الأجنبية الجديدة لدى المركزي ستختار التجار الذين تعمل معهم، وستعمل في أوراق النقد بسعر السوق، وستقوم بالشراء والبيع، وسيتمّ الإبقاء على سعر الربط الرسمي اللبناني في تعاملات البنوك والواردات الضرورية».
وفي هذا السياق، هناك تساؤلات متعدّدة حول التعميمين، من أهمها التالية:
اولاً- ما تأثير تحرير الودائع الصغيرة على سعر الصرف في السوق السوداء؟
ثانياً- ما هو دور مصرف لبنان في عملية الدخول على خط تسعير الدولار في السوق الثانوية؟ هل سيكون مجرد مراقب، ام انّه قد يتدخّل بائعاً الدولار لدوزنة سعر صرفه؟ وفي هذه الحال، هل من المسموح استخدام دولارات المركزي في السوق السوداء ايضاً؟
ثالثاً - كيف ستتمّ معالجة مسألة التكافؤ في الفرص. اذ من يملك 5 ملايين ليرة يستطيع ان يسحبها، في حين انّ من يملك 6 ملايين ليرة، لا يستطيع؟

( الجمهورية )

ليست هناك تعليقات