مشاريع الرحاب السكنية

جدري القرود".. تحدٍ صحي يستدعي الاستنفار




تكبر المخاوف من وصول عدوى "جدري القرود" إلى لبنان في ظل الانتشار العالمي الكبير له، وقد أكّد طبيب الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، البروفسور الياس أبي حنّا، أنّ معلومات وزارة الصحة هي عدم وجود أي حالة في لبنان، وأنّ الوزارة بدأت بتزويد اللبنانيين بمعلومات دقيقة حول انتشار هذا المرض، مضيفاً: "من المؤكّد أنّه غير موجود في لبنان".

أبي حنا، وفي اتصالٍ مع "الأنباء" الإلكترونية، أفاد أنّ جدري القرود هو فيروس موجود بوسط أفريقيا، مذكّراً أنّه في العام 1970 تمّ تسجيل حالات من هذا النوع التي عادت واختفت سنة 1979، مشيراً إلى أنّ هذا الوباء ينتج عادة عن طريق الاحتكاك بين البشر والحيوانات.

وقال: "في العام 2013، تمّ تسجيل عدد من هذه الحالات في أميركا انتقلت إليها من أفريقيا، لكن لم تحصل وفيات. والغريب اليوم ظهور هذه الحالات في عدة دول من بينها أوروبا وكندا، وأول ظهوره في بلجيكا واسبانيا. وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فإنّه ينتقل عن طريق الاحتكاك المباشر، ومن الممكن انتقاله إلى الحيوانات فيستوطن البلد الموجود فيه".

تحدٍ صحي يستدعي الاستنفار، ولا بدّ من أخذه بعين الاعتبار تحسّباً لأي طارئ، خاصةً وأنّ ظروف البلد من كل الجهات لا تسمح بالاستهتار بأي خطر صحي، وسيكون أكبر من قدرة الدولة على مواجهته هذه المرة.

وفي السياق، أوضح رئيس لجنة الصحة النيابية السابق الدكتور عاصم عراجي لصحيفة الجمهورية أن لا وجود لأي حالة فيروس جدري القردة جدية مشتبه فيها، وإنما بعض الأطباء يعتبرون أي طفح جلدي هو جدري القردي.

أشار إلى أن جدري القردة لا يشكل خطورة كالكوفيد لأنه ليس سريع الإنتشار ولا يتحور، ولقاح الجدري يحمي من 85 إلى 90 في المئة من الفيروس، لافتًا إلى أنه "حتى الساعة، منظمة الصحة الدولية تطمئن لأن نمطيته لا تختلف عن الجدري القديم الذي ظهر سنة 1970 في الكونغو. 

وقال عراجي إنه لا يوجد PCR للعدوى إنما فحص سريري فقط، موضحًا أن الإجراءات الوقائية ضرورية وأهمها غسل اليدين، وعدم الإختلاط بحامل العدوى، والإبتعاد عن لمس طفحه الجلدي كما الإبقاء على مسافة متر من المصاب، إضافة إلى أنه يتوجب عزل المصاب منعًا لنقل العدوى.

وأكد أن لا داعي للخوف.

من جهة أخرى، كشفت مصادر وزارة الصحة لـ"أساس" أنّه "لم تصدر أيّ توصية من منظمة الصحّة العالمية حتّى الساعة حول الإجراءات المتّخذة على المعابر، خصوصاً أنّ هذا المرض لا ينتقل في الهواء مثل فيروس كورونا، وفريق وزارة الصحة قادر على مواجهة "جدري القردة" في حال وصوله، وبعد أسبوعين يصل إلى لبنان جهاز خاصّ بإجراء فحص جدري القرود (PCR)".

هل الحالات المصابة مرتبط بعضها بالبعض الآخر؟ وهل احتاجت الحالات إلى دخول المستشفى؟

رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية المعدية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، والمستشار في لجنة "منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط"، البروفيسور غسان دبيبو، نفى لـ"أساس" تسجيل إصابات بهذا الفيروس، لافتاً إلى أنّ "وزارة الصحة أثبتت في بيانها عدم صحّة كلام الطبيب الذي أعلن ذلك وسبّب هلعاً لدى المواطنين".

وتابع: "تُجرى حالياً دراسات معمّقة، لمعرفة ارتباط هذه الحالات بعضها بالبعض الآخر. لذلك نقوم برصد تسلسل هذه الحالات لمعرفة تفاصيل علمية أكثر، خصوصاً أنّ السفر والتنقّل يساهمان أكثر في نقل الفيروسات بشكل أكبر. ومع ذلك ما زالت هذه الحالات محدودة، وقد اتُّخذت الإجراءات اللازمة حول العالم (العزل والمتابعة الصحية للحالات) والتدابير للمخالطين الذين يقدّمون الرعاية الصحية للمصابين لتوفير الحماية لهم. لكن من المبكر الجزم أنّ هذه الحالات مرتبط بعضها ببعض أو مرتبطة بمنطقة واحدة كانت مصدراً للفيروس".


أما عن مدى حاجة هذه الحالات إلى الاستشفاء، فشرح أنّ "هناك اختلافاً في هذه الفيروسات. فيروس الجدري الذي تمّ القضاء عليه هو فيروس قاتل، ونسبة الوفيات عند المصابين به تراوح بين 30% و40%، بينما يُعتبر "جدري القردة" خفيفاً وألطف، ونسبة الوفيات بسببه أقلّ من 1%، وتعود الوفيات إلى مشكلات صحية أو ضعف في المناعة يعاني منهما المصاب".

ووضح أنّ فيروس "جدري القردة" هو عبارة "عن سلالتين جاءتا من إفريقيا الوسطى وإفريقيا الغربية، والحالات التي تُسجَّل حول العالم هي من سلالة إفريقيا الغربية. أمّا بالنسبة إلى لقاح الجدري فكان يستهدف نوع الجدري الذي كان يُشكّل جائحة ويتسبّب بوفاة الأطفال وكبار السنّ، لذلك تمّ إدراج اللقاح ضمن التلقيح الروتيني، وقد تمّ القضاء عليه عام 1980. يمكننا الجزم أنّ مواليد عام 1972 وما قبل تلقّوا لقاح الجدري، وهم محميّون بنسبة كبيرة، فيما مَن هم تحت سنّ الـ50 معرّضون أكثر بسبب عدم تلقّيهم اللقاح".


ليست هناك تعليقات