مشاريع الرحاب السكنية

ورقة "النافعة" غير نافعة


 


لا ينتهي درب جلجلة تسجيل السيارات بالحصول على ورقة مختومة من «النافعة» بدلاً من الدفتر.


فبعد «طوابير الذل» في «مصلحة تسجيل السيارات والآليات»، تبدأ معاناة من نوع آخر، إذ يكتشف من نالوا «بركة» الحصول على الورقة أنها مستند بلا صلاحية وغير معترف به من قِبل السلطات المحلية والخارجية. فلا الكاتبُ العدلُ يقبلها لإصدار وكالة أو تنظيم عملية بيع وشراء، ولا السلطات السورية أو الأردنية تعترف بشرعيتها لتمنح المسافرين تأشيرة الدخول إلى أراضيها.مع عودة «النافعة» إلى العمل واستمرار الأزمة بينها وبين شركة «إنكريبت» الملتزمة بإصدار دفاتر السيارات ورخص قيادتها، استعاضت «النافعة» عن الدفاتر بورقة تحمل مواصفات السيارة وتثبت ملكية صاحبها لها. غير أن وزارة الداخلية لم تأخذ في الاعتبار المشاكل التي تنتج عن هذه «البدعة» لجهة حفظ الحق في حرية التنقل خارج الأراضي اللبنانية وحرية التصرف بالملكية الخاصة. فلم تعمّم، مثلاً، على الكتّاب العدل بأنّ هذا المستند «المؤقت» بديل قانوني عن الدفتر يمكن اعتماده.


كما لم تعترف وزارة الخارجية بهذه الاستمارة أمام السفارات ودول الجوار، ولا سيما السلطات السورية والأردنية، لتسمح هذه بعبور حاملي هذه الاستمارة أراضيها. ومن دون إعلامهم بأنّ الورقة التي ابتدعتها «النافعة» لا تصلح خارج الحدود اللبنانية، يقطع المسافرون براً مسافات طويلة ليُفاجأوا عند المعابر أنّ ورقة السيارة التي يحملونها «مثل قلتها». هذا ما حصل مع مهدي، مثلاً، الذي سافر من صور إلى سوريا، وقطع الحدود اللبنانية من دون أن تلفت الأجهزة الأمنية اللبنانية نظره إلى عدم صلاحية «ورقة السيارة»، قبل أن يُفاجأ على الحدود السورية بأنّ هذه الورقة «لا تقطع». ويؤكد مصدر في «النافعة» في هذا الإطار «عدم صلاحية هذه الورقة لتحلّ محلّ دفتر السيارة خارج الأراضي اللبنانية». وبدلاً من هذا المستند، على المسافر برّاً استحصال «استمارة خارج القطر» بأوصاف السيارة من «النافعة» تثبت ملكيته لها، ومصادقتها في وزارة الخارجية ثم في السفارة السورية. وهذا ما يكبّد المسافرين جهداً ووقتاً وتكاليف تتجاوز 150 دولاراً، إذ إنّ بدل الاستمارة يساوي مليوني ليرة، وتبلغ كلفة مصادقتها في الخارجية مليون ليرة، وفي السفارة السورية نحو 120 دولاراً بين رسوم وبدل تسجيل قنصلي، إلى جانب تسديد 3 ملايين و150 ألف ليرة بدل الحصول على دفتر السيارة.


إضافة إلى تقييد حركة المسافرين، برزت إشكالية الكتاب العدل الذين لا يعرفون «ما هو وضع هذه الورقة بغياب تعميم لوزير الداخلية يسمح بقانونيتها أثناء إجراء المعاملات»، وفق رئيس مجلس الكتاب العدل في لبنان ناجي الخازن. ويقول أحد الكتّاب العدل إن الورقة عبارة عن «إيصال يضمن ملكية المركبة أمام مصلحة تسجيل السيارات والآليات بانتظار صدور الدفاتر، ولا علاقة لنا فيه ككتاب عدل». وعليه، تُصادر حرية مالكي المركبات في بيعها أو إجراء توكيل خاص بها، إلا في حالات الضرورة القصوى، حيث «يمكن أن نقطّعها بعد أن نشرح لصاحب المعاملة شكوكنا حول ما إذا كانت المعاملة نافذة»، كما يقول الخازن. وهذا ما شرّع الاستنسابية بين الكتّاب العدل في قبول الورقة من عدمها وفتح باباً جديداً للفساد وتقاضي الرشى «لتمريرها».


تؤكد مصادر وزارة الداخلية أن الورقة «مؤقتة» ريثما تُحلّ مسألة الدفاتر، غير أنّ تجربة إخراجات القيد كبديل «مؤقت» عن بطاقة الهوية في المعاملات الإدارية إبان الحرب الأهلية واستمرارها حتى اليوم تثير شكوكاً ما إذا كان هذا المستند الجديد «مؤقتاً» فعلاً أم حالة سنعتاد عليها.


"الاخبار"

ليست هناك تعليقات